الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع (الإصدار الثاني)
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحقّ، فبلّغ الرّسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقّ جهاده حتّى أتاه اليقين، وترك أمّته على محجّةٍ بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلّا هالكٌ، بيّن فيها ما تحتاجه الأمّة في جميع شؤونها؛ حتّى قال أبو ذرٍّ رضي الله عنه: ما ترك النّبيّ صلى الله عليه وسلم طائرًا يقلّب جناحيه في السّماء إلّا ذكر لنا منه علمًا.
وقال رجلٌ من المشركين لسلمان الفارسيّ رضي الله عنه: علّمكم نبيّكم حتّى الخراءة (آداب قضاء الحاجة) قال: نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائطٍ أو بولٍ، أو أن نستنجي بأقلّ من ثلاثة أحجارٍ، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي برجيعٍ أو عظمٍ.
وإنّك لترى هذا القـرآن العظيم قـد بيّن الله تعالى فيه أصول الدّين وفـروع الدّين، فبيّن التوحيد بجميع أنـواعه، وبيّن حتّى آداب المجالس والاستئذان، قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ}
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}
{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ}
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}
{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الّتي يتبيّن بها أنّ هذا الدّين شاملٌ كاملٌ لا يحتاج إلى زيادةٍ، كما أنّه لا يجوز فيه النّقص،