موسوعة المحتوى الإسلامي المترجم

مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة

مَجْمُوعَةُ أَسْئِلَةٍ تَهُمُّ الأُسْــــرَة المُسْلِـمَــة

*

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدِّمة

إنَّ الحمدَ لله نَحمدُه، ونَستعينُه، ونستغفِرُه، ونعوذُ بالله من شُرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له، ونشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.

أما بعدُ: فإنَّه يسُرُّ (مُؤسَّسةَ الشَّيخِ مُحمَّدِ بنِ صالِح العُثَيْمين الخَيْريَّة) أنْ تُقدِّمَ هذه الفَتاوى القيِّمةَ لفَضيلةِ شَيخِنا العَلَّامةِ الوالدِ مُحمَّدِ بنِ صالِح العُثَيمين رحمه اللهُ تعالى.

نسألُ اللهَ تعالى أن يجعلَ هـذا العملَ خالصًا لوَجهِـه الكـريمِ، مُوافقًا لمَرْضاته، نافِعًا لعبادِه، وأنْ يكتُبَ لفَضيلةِ شَيخِنا المؤلِّفِ المثوبةَ والأجرَ بمنِّه وكَرَمه، ويُعليَ درجَتَه في المَهْديِّين، ويُسكنَه فَسيحَ جنَّاتِه، إنَّه سميعٌ مجيبٌ.

وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنـا مُحمَّدٍ وعلى آلِه وأصحابِـه والتابِعـينَ لهم بإحسانٍ.

القِسمُ العلميُّ

في مُؤسَّسةِ الشَّيخِ مُحمَّد بنِ صالِح العُثَيمين الخَيْريةِ

*

استِخْدام الباروكةِ

§§ من بينِ الأدَواتِ التي تَستخدِمُها المرأةُ لغَرَض التَّجْميلِ ما يُسمَّى (بالباروكةِ) وهيَ الشَّعرُ المُستعارُ الذي يُوضعُ على الرَّأس، فهل يجوزُ للمَرأةِ أنْ تستخدِمَها؟

… الباروكةُ مُحرَّمةٌ، وهي داخلةٌ في الوَصلِ، وإنْ لم يكن وصلًا، فهي تُظهر رأسَ المرأةِ على وَجهٍ أطولَ من حقيقتِه فتُشبِهُ الوصلَ، وقد لعَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الواصلةَ والمُسْتوصِلةَ.

لكن إنْ لم يكن على رأسِ المرأةِ شَعرٌ أصلًا كأنْ تكونَ قَرعاءَ، فلا حرَجَ من استعمالِ الباروكةِ؛ ليستُرَ هذا العيبَ؛ لأنَّ إزالةَ العُيوبِ جائزةٌ؛

ولهذا أذِنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَن قُطِعت أنفُه في إحدى الغَزَواتِ أنْ يتَّخِذَ أنفًا من ذَهَبٍ، ومثلُ أنْ يكونَ في أنفِه اعوجاجٌ فيَعدِلَه، أو إزالةُ بُقعةٍ سَوداءَ مثلًا، فهذا لا بأسَ به.

أما إن كان لغيرِ إزالةِ عيبٍ كالوَشمِ والنَّمصِ مثلًا فهذا هو الممنوعُ، واستعمالُ الباروكةِ حتى لو كان بإذنِ الزَّوجِ ورِضاه حرامٌ؛ لأنه لا إذْنَ ولا رضًى فيما حرَّمه اللهُ.

*

نتْفُ الشَّعر

§§ يُلاحظُ على بعضِ النِّساءِ أنَّهـن يَعمِدْن إلى إزالـةِ أو ترقيقِ شَعـرِ الحاجبينِ؛ وذلك لغَرَض الجَمالِ والزِّينة، فما حُكم ذلك؟

… هذه المسألةُ تقعُ على وجهينِ:

الوَجهُ الأولُ: أنْ يكونَ ذلك بالنَّتفِ؛ فهذا مُحرَّمٌ، وهو من الكبائرِ؛ لأنَّه من النَّمصِ الذي لعَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاعلَه.

الثاني: أنْ يكونَ على سَبيلِ القصِّ والحفِّ، فهذا فيه خِلافٌ بينَ أهلِ العِلم هل يكون من النَّمصِ أم لا؟ والأَولى تجنُّب ذلك.

أما ما كان من الشَّعرِ غيرِ المُعتادِ بحيث ينبُتُ في أماكنَ لم تَجرِ العادةُ بها، كأنْ يكونَ للمرأةِ شاربٌ، أو ينبُتُ على خدِّها شَعرٌ، فهذا لا بأسَ بإزالتِه؛ لأنَّه خِلافُ المُعتادِ، وهو مشوِّهٌ للمَرأةِ.

أما الحواجبُ فإنَّ من المُعتادِ أن تكونَ رقيقةً دقيقةً، وأن تكونَ كثيفةً واسعةَ، وما كان مُعتادًا فلا يُتعرَّض له؛ لأنَّ الناسَ لا يَعدُّونه عَيبًا بل يَعدُّون فواتَـه جَمالًا أو وُجودَه جمالًا، وليس من الأمورِ التي تكـون عَيبًا حتى يحتاجَ الإنسانُ إلى إزالتِه.

*

بُروزُ شَعرِ الرَّأس

§§ أيضًا من الطُّرُق التي تعمَلُها المرأةُ للجَمالِ والزِّينة قيامُها بوَضعِ الحَشوى داخلَ الرَّأس بحيث يكونُ الشَّعرُ مُتجمِّعًا فوقَ الرأسِ، فما حُكمُ هذا العملِ؟

… الشَّعرُ إذا كان على الرأسِ على فوقَ؛ فإنَّ هذا داخلٌ في التَّحذير الذي جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِه: «صِنفانِ من أهْلِ النارِ لم أرَهُما بعدُ» وذكر الحديث: وفيه «نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مائلاتٌ مُميلاتٌ، رُؤوسُهنَّ كأسنِمةِ البُختِ المائلةِ» فإذا كان الشَّعرُ فوقَ الرَّأس ففيه نَهيٌ، أما إذا كان على الرَّقبةِ مثلًا، فإنَّ هذا لا بأسَ به، إلَّا إذا كانت المرأةُ ستخرُجُ إلى السُّوق، فإنَّ في هذه الحال يكونُ من التبرُّجِ؛ لأنَّه سيكونُ له علامةٌ من وراءِ العَباءة تظهَرُ، ويكونُ هذا من بابِ التبرُّجِ، ومن أسبابِ الفِتنةِ فلا يجوزُ.

لقدِ انتشرَتْ ظاهرةُ قصِّ شَعرِ الفَتاةِ إلى كتفَيْها للتَّجميلِ، ولُبسِ النِّعالِ المرتفعةِ كثيرًا، واستعمالِ أدواتِ التَّجميلِ المَعْروفةِ. فما حكمُ هذه الأعمالِ؟

قصُّ المرأةِ لشَعرِها إما أنْ يكونَ على وَجهٍ يُشبِه شَعرَ الرِّجالِ، فهذا مُحرَّمٌ، ومن كبائرِ الذُّنوب؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لعَـنَ المتشبِّهاتِ من النِّساءِ بالرِّجـالِ، وإما أنْ يكونَ على وَجهٍ لا يصِلُ به إلى التشبُّهِ بالرِّجالِ، فقد اختلَفَ أهلُ العِلمِ في ذلك إلى ثلاثةِ أقوالٍ: منهم مَن قال: إنَّه جائزٌ لا بأسَ به، ومنهم مَن قال: إنَّه مُحرَّمٌ، ومنهم مَن قال: إنَّه مكروهٌ، والمشهورُ من مذهبِ الإمامِ أحمدَ أنَّه مكروهٌ.

وفي الحقيقةِ أنَّه لا ينبغي لنا أنْ نتلقَّى كُلَّ ما ورَدَ علينا من عاداتِ غيرِنا، فنحن قبلَ زمنٍ غيرِ بعيدٍ نرَى النِّساءَ يتباهَيْنَ بكَثرةِ شُعورِ رُؤوسِهنَّ، وطُولِ شُعورِهنَّ، فما بالُهنَّ اليومَ يَرغَبْنَ تقصيرَ شَعرِ رُؤوسِهنَّ، ويَذهَبْنَ إلى هذا العملِ الذي أتانا من غَيرِ بلادِنا، وأنا لست أُنكِرُ كُلَّ شَيءٍ جديدٍ، ولكن أُنكِرُ كُلَّ شَيءٍ يؤدِّي إلى أن ينتقِلَ المجتمعُ إلى عاداتٍ مُتلقَّاةٍ من غيرِ المُسلمين.

وأما النِّعالُ المرتفعةُ، فلا تجوزُ إذا خرجتْ عن العادةِ، وأدَّت إلى التبرُّجِ وظهورِ المرأةِ، ولفتِ النَّظَر إليها؛ لأنَّ اللهَ تعالى يقولُ: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33]. فكُلُّ شيءٍ يكونُ به تبرُّجُ المرأةِ وظُهورُها وتميُّزُها من بين النَّساءِ على وَجهٍ فيه التَّجميلُ، فإنَّه مُحرَّمٌ، ولا يجوزُ لها.