مجموعة زاد التربية الإسلامية (2)
متكاملة تهدف إلى تقريب العلم الشرعي للراغبين فيه، وتوعية سلسلة المسلم بما لا يسعه جهله من دينه، ونشرُ العلم الشرعي الرصين، القائم على كتابِ اللهِ وسنّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، صافيًا نقيًّا، وبطرحٍ عصريٍّ مُيسّرٍ، وبإخراجٍ احترافيِّ.
يحتوي هذا الكتاب على بيان جملةٍ متنوعةٍ من أعمال القلوب، التي عليها مدار سعادة العبد في الدنيا والآخرة؛ كالإخلاص، والتقوى، والرجاء، والخوف، والرضا، والصبر، والتوكل، وغيرها من الأعمال، فيبين منزلتها وأهميتها، وما يساعد على تحقيقها، ويبرز ما لمراعاتها من آثار دنيوية وأخروية، مع عرض المحتوى بطريقةٍ عصريةٍ مبسطةٍ، وأسلوبٍ سهلٍ شيقٍ خالٍ من الحشو والمخالفات.
جميع الحقوق محفوظة. ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو نقله في أي شكل أو واسطة، سواء أكانت إلكترونية أو ميكانيكيـــة، بما في ذلك التصوير بالنسخ (فوتوكوبي)، أو التسجيل، أو التخزين والاسترجاع، دون إذن خطي من الناشر.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن العلم الشرعي من أهم الضرورات التي يحتاجها المسلمُ في حياته، وتحتاجُها الأمةُ كلُّها في مَسيرتِها الحضاريةِ؛ لذا جاءت النصوص الشرعية في الإعلاء من شأنه وشأنِ حامِليه، قال تعالى:
﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالقِسطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ (آل عمران: ١٨) قال الشوكاني رحمه الله: «المرادُ بأولي العلمِ هنا علماءُ الكتابِ والسُّنةِ»، وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ (طه: ١١٤)، وفي الحديث: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل ﷲ له به طريقًا إلى الجنة» رواه مسلم.
وتأتي هذه السلسلة العلمية خدمة للمجتمع، بهدف إيصال العلم الشرعي إلى الناسِ بشتّى الطُّرُقِ، وتيسير سبلهِ، وتقريبه للراغبين فيه،
ونرجو أن تكون رافدة ومعينة للبرامج العلمية والقراءة الذاتية وعونًا لمن يبتغي التزود من العلم والثقافة الشرعية، سعيًا لتحقيق المقصد الأساسِ الذي هو نشرُ وترسيخُ العلمِ الشرعي الرصينِ، المبني على أسسٍ علميةٍ صحيحةٍ، وفقَ معتقدٍ سليمٍ، قائمٍ على كتابِ ﷲ وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، بشكلٍ عصريٍّ ميسَّرٍ، فنسأل ﷲ تعالى للجميع العلم النافع والعمل الصالح والتوفيق والسداد والإخلاص.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ (المائدة: 35). والصلاة والسلام على رسول ﷲ المؤيد بالمعجزات القائل صلوت ﷲ وسلامه عليه: «أما وﷲ! إني لأتقاكم ﷲِ، وأخشاكم لهُ». رواه البخاري ومسلم؛ وبعد.
فإننا في مأزقنا الذي نعيش فيه، وفي وضع الأمة الإسلامية الراهن نحتاج إلى الإخلاص ومتابعة قلوبنا ونوايانا لإصلاح هذا الوضع، وللخروج من هذا المأزق، فهناك مشاريع إسلامية كبيرة قامت ثم أُجهِضَتْ بسبب عدم الإخلاص، وبسبب الرياء وعدم النية الحسنة.
ومن هذا المنطلق كان هذا المستوى الدراسي عن أعمال القلوب؛ والتي عليها مدارُ كلِّ شيءٍ، وعليها يدور قبول العمل من عدمه، ليكون معينا لنا على أعمال الخير، دون عوائق باطنة تعرقل من عملنا.
وأعمال القلوب لها ثمراتٌ عظيمة في الدنيا والآخرة، فهي سرُّ النجاح في أعمال الدنيا وفي أعمال الآخرة، وأهلها دائمًا يكونون سعداء منتجين أوفياء موصوفين بالخير؛ ولذا يقول ابن أبي جمرة رحمه الله:
«وددت لو أنه كان مِن الفقهاء مَن ليس له شغلٌ إلا أن يعلِّم الناس مقاصدَهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النِّيات ليس إلَّا».
فمما يُعين على العمل الإسلاميِّ بعد الإخلاص ﷲ: التوكل عليه سبحانه وتعالى؛ فمتى توكَّل على ﷲ حصل على راحةٍ نفسيةٍ، وارتياح بالٍ، مكملًا مسيرة عمله، آخذًا بالأسباب التي تؤدي إلى نجاحه، معرضًا عن الكسل والرَّجْم بالغيبِ والخرافات.
ومن أعمال القلوب المُعينة على العمل أيضًا: التفكُّر والمحاسبةُ اللذان يعينان على التخطيطِ والتروِّي، وإصلاح المسيرة وإحسان العمل. وممَّا يعين على الإنتاج: الرَّجاء والأملُ والخوفُ والمحبَّةُ، فلا أفضل لنيل التوفيقِ والهدايةِ من رجاءِ الله تعالى، والخوفِ منه ومحبته والتعلُّقِ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، قال ابن القيم رحمه الله: «الرَّجاء حَادٍ يحدُو بالراجي في سيره إلى ﷲ، ويطيّب له المسير، ويحثه عليه، ويبعثه على ملازمته، فلولا الرَّجاء لما سار أحد؛ فإن الخوف وحده لا يحرك العبد، وإنما يحركه الحبُّ، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء».اهـ.