موسوعة المحتوى الإسلامي المترجم

حصن المسلم (الإصدار الثاني)

حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة

الفقير إلى اللَّهِ تعالى

د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إِنَّ الحَمْدَ للَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً، أَمَّا بَعْدُ:

فَهَذَا مُخْتَصَرٌ اخْتَصَرْتُهُ مِنْ كِتَابِي: ((الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَالعِلاَجُ بِالرُّقَى مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ))[1] اخْتَصَرْتُ فِيهِ قِسْمَ الأَذْكَارِ؛ لِيَكُونَ خَفِيفَ الْحَمْلِ فِي الأَسْفَارِ.

وَقَدِ اقْتَصَرْتُ عَلَى مَتْنِ الذِّكْرِ، وَاكْتَفَيْتُ فِي تَخْرِيجِهِ بِذِكْرِ مَصْدَرٍ أَوْ مَصْدَرَيْنِ مِمَّا وُجِدَ فِي الأَصْلِ، وَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ الصَّحَابِيِّ أَوْ زِيَادَةً فِي التَّخِرِيجِ فَعَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى الأَصْلِ.

وَأَسْأَلُ اللَّهَ -عز وجل- بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصَاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَأَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فِي حَيَاتِي، وَبَعْدَ مَمَاتِي، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ قَرَأَهُ، أَوْ طَبَعَهُ، أَوْ كَانَ سَبَباً فِي نَشْرِهِ؛ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَلِيُّ ذَلِكَ، وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ. وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.

المؤلف

حرر في شهر صفر 1409هـ

فَضْــــــلُ الذِّكِــــــــر

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾ [2]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ [3]، ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [4]، ﴿وَاذْكُرْ رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾ [5]، وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ ربَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ))[6]، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((أَلاَ أُنبِّئُكُم بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقِكُم))؟قَالُوا بَلَى. ((ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى))[7]، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْراً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً))[8]، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: ((لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ))[9]، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ قَرَأَ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ: ﴿الــم﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ: أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيْمٌ حَرْفٌ))[10]. وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلاَ قَطِيعَةِ رَحِمٍ) فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ: ((أَفَلاَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَيَعْلَمَ، أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ -عز وجل- خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ))[11].

وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ قَعَدَ مَقْعَدَاً لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجِعاً لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ))[12].

وقال -صلى الله عليه وسلم- : ((مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسَاً لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، فَإِنْ شَاءَ عذَّبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ))[13].

وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ لهُمْ حَسْرةً))[14].

[1] وقد طبع الأصل المذكور، وللَّه الحمد، مع تخريج أحاديثه تخريجاً موسعاً في أربعة مجلدات. حصن المسلم في المجلد الأول والثاني منها.
[2] سورة البقرة، الآية: 152 .
[3] سورة الأحزاب، الآية: 41 .
[4] سورة الأحزاب، الآية: 35 .
[5] سورة الأعراف، الآية: 205 .
[6] البخاري مع الفتح، 11/ 208، برقم 6407، ومسلم، 1/ 539، برقم 779، بلفظ: ((مثل البيت الذي يذكر اللَّه فيه والبيت الذي لا يذكر اللَّه فيه مثل الحي والميت))، 1/539 .
[7] الترمذي، 5/ 459، برقم 3377، وابن ماجه، 2/ 124، برقم 3790، وانظر: صحيح ابن ماجه، 2/ 316، وصحيح الترمذي، 3/ 139.
[8] البخاري، 8/ 171، برقم 7405، ومسلم، 4/ 2061، برقم 2675، واللفظ للبخاري.
[9] الترمذي، 5/ 458، برقم 3375، وابن ماجه، 2/ 1246،3793، وصححه الألباني في: صحيح الترمذي، 3/139، وصحيح ابن ماجه، 2/317.
[10] الترمذي، 5/ 175، برقم 2910، وصححه الألباني: صحيح الترمذي، 3/9، وصحيح الجامع الصغير، 5/340 .
[11] مسلم، 1/553 ، برقم 803.
[12] أبو داود، 4/ 264، برقم 4856، وغيره، وانظر: صحيح الجامع، 5/342.
[13] الترمذي، 5/ 461، برقم 3380، وانظر: صحيح الترمذي، 3/140.
[14] أبو داود، 4/ 264، برقم 4855، وأحمد، 2/389، برقم 10680، وانظر: صحيح الجامع، 5/176 .