أسماء الله وصفاته
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فبلغ الرّسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، بلسانه، ويده، وماله، حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.
أما بعد -أيّها الإخوة الحاضرون- فإنّي أذكّركم ونفسي بما أنعم الله به على هذه البلاد من نعمة الإسلام قديمًا وحديثًا، هذه البلاد التي كانت محل الرّسالة، رسالة محمدٍ صلى الله عليه وسلم خاتم النبيّين الذي بعث إلى الناس كافةً، بل إلى الجنّ والإنس.
هذه البلاد الّتي كما بدأ منها الإسلام فإليها يعود؛ كما ثبت به الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها».
هذه البلاد التي لا أعلم -والله شاهدٌ على ما في قلبي- لا أعلم بلادًا إسلاميةً في عصرنا أقوى منها تمسّكًا بدين الله، لا بالنّسبة لشعبها، ولكن بالنّسبة لشعبها ومن ولاه الله أمرها.
وهذه النّعمة الكبيرة -أيّها الإخوة- إذا لم نشكرها فإنها كغيرها من النّعم، توشك أن تزول، يوشك أن يحل بدل الإيمان الكفر، وبدل الإسلام الاستكبار، إذا لم نقيّد هذه النّعمة بالمحافظة عليها وحمايتها والمدافعة دونها.
إن هذه البلاد بما أنعم الله به عليها من هذه النّعمة العظيمة -وهي نعمة الإسلام أولًا وأخيرًا- كانت مركزًا لتوجيه الضربات عليها؛ من أجل صدّ أهلها عن دينهم، ليس في الأخلاق فحسب، ولكن في الأخلاق والعقائد، ولذلك كان لزامًا على شبابها، وأخصّ الشباب؛ لأسبابٍ ثلاثةٍ: لأنهم رجال المستقبل، ولأنهم أقوى عزيمةً، وأشدّ حزمًا ممن بردت أنفسهم بالشيخوخة، ولأنهم الذين تركز عليهم هذه الضربات.
إنني أوجّه إلى الشباب أن يحموا بلادهم من كيد أعدائهم؛ فإن أعداءهم يوجّهون الضربات تلو الضربات؛ ليقضوا على هذه المنة العظيمة التي من الله بها علينا، ألا وهي دين الإسلام.
استعينوا بالله سبحانه وتعالى بما علمكم من شريعته، ثم بحكمة الشّيوخ ذوي الثّقة والأمانة والعلم والبرهان، فاستعينوا بذلك على حماية بلادكم من كيد أعدائها، واعلموا أن الدّنيا تبعٌ للدّين، وأنها لن تتم النّعمة، ولن تتم الحياة الدّنيا، ولن تكون حياةٌ طيّبةٌ إلا بالإيمان والعمل الصالح؛ كما قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون} [النحل:97].
إن المشكلات في عصرنا هذا كثيرةٌ، وإنّي اخترت الكلام في: (أسماء الله، وصفاته، وموقف أهل السّنة منها)، ولعل الكثير منكم يقول: لماذا اخترت هذا الموضوع بالذّات؟
ألسنا كلّنا -وبالأخصّ أهل هذه الجزيرة- ألسنا كلّنا نؤمن بأسماء الله وصفاته على ما يليق به، ولا نتعرض لها بتحريف، ولا تعطيلٍ؟!
أليست العجوز منا والشيخ والصغير والذكر والأنثى، كلٌّ على حدٍّ سواءٍ، لا يجول في أفكارهم شيءٌ من التحريف أو الانحراف في أسماء الله وصفاته؟
أحدهما: أهمّية هذا الموضوع؛ فإن هذا الموضوع ليس كما يظنّ بعض الناس، ولا أعني ببعض الناس: عامتهم. بل حتّى بعض طلبة العلم يظنّون أن البحث في هذا الباب -في باب أسماء الله وصفاته- ليس بذي قيمةٍ تذكر،