من خلق الكون؟ ومن خلقني؟
من الذي وضع الأنظمة التي تحكم هذا العالم (الحياة والموت، تناسل الأحياء، الليل والنهار، تغيير المواسم، إلخ)؟
هل خَلَقَ هذا الكون نفسه؟ أم جاء من العدم؟ أم وجد بالصدفة؟ قال الله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الطور: 35-36].
فإن لم نخلق أنفسنا واستحالة أن نكون جئنا من العدم أو الصدفة إذن الحق الذي لا ريب فيه: أن هذا الكون لابد له من خالق عظيم قادر، إذ يستحيل أن يكون هذا الكون خلق نفسه! أو جاء من العدم! أو جاء صدفة!
لماذا يؤمن الإنسان بوجود الأشياء التي لا يراها؟ مثل: (الإدراك والعقل والروح والمشاعر والمحبة) أليس لأنه يرى آثارها؟ فكيف ينكر الإنسان وجود خالق لهذا الكون العظيم وهو يرى آثار مخلوقاته وصنعه ورحمته؟!
لن يقبل أحد عاقل أن يقال له: إن هذا المنزل جاء من غير أن يبنيه أحد! أو يقال له: إن العدم هو الذي أوجد هذا المنزل! فكيف يصدق بعض الناس من يقول: إن هذا الكون العظيم جاء من غير خالق؟ كيف يقبل عاقل أن يقال له: إن هذا الانضباط الدقيق للكون جاء صدفة؟
كل هذا يوصلنا لنتيجة واحدة، هي أن لهذا الكون ربًّا عظيمًا قادرًا مدبرًا له، وأنه هو وحده المستحق للعبادة، وأن كل ما يعبد من دونه فعبادته باطلة، وهو لا يستحق أن يعبد.
هناك رب خالق واحد، هو المالك المدبر الرازق الذي يحيي ويميت، وهو الذي خلق الأرض وذللها، وجعلها صالحة لمخلوقاته، وهو الذي خلق السماوات وما فيها من مخلوقات عظيمة، وجعل للشمس والقمر والليل والنهار هذا الضبط الدقيق الذي يدل على عظمته.
وهو الذي سخر لنا الهواء الذي لا حياة لنا بدونه، وهو الذي ينزل علينا الأمطار وسخر لنا البحار والأنهار، وهو الذي كان يغذينا ويحفظنا ونحن أجنة في بطون أمهاتنا من غير أن يكون لنا قوة، وهو الذي أجرى الدماء في عروقنا من ولادتنا إلى أن نموت.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف ٥٤].
الله هو الرب الخالق لكل ما في الكون مما نراه ومما لا نراه، وكل ما سواه مخلوق من مخلوقاته، وهو المستحق للعبادة وحده، وألا يُعبد معه أحد غيره، ليس له شريك في ملكه أو خلقه أو تدبيره أو عبادته.
ولو افترضنا جدلاً أن فيه آلهة أخرى مع الرب جل جلاله لفسد الكون؛ لأنه لا يصلح أن يدبر أمر الكون إلهان اثنان في ذات الوقت، قال الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء:22.
الرب سبحانه له الأسماء الحسنى التي لا تحصى، وله الصفات العلى الكثيرة العظيمة التي تدل على كماله، فمن أسمائه: الخالق، و"الله" ومعناه: المألوه المستحق للعبادة وحده لا شريك له. والحي والقيوم والرحيم، والرازق، والكريم،
قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [سورة البقرة:255].
وقال الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص ١-٤].
من صفاته أنه الحي القيوم فكل حي في الوجود فالله هو الذي أحياه وأوجده من عدم، وهو القائم عليه بوجوده ورزقه وكفايته. فالرب حي لا يموت ومحال عليه الفناء، قيوم لا ينام، بل لا تأخذه سنة ولا نوم.
من صفاته أنه السميع البصير الذي يسمع كل شيء، ويبصر كل مخلوق، يعلم ما توسوس به النفوس وما تخفيه الصدور، ولا يخفى عليه شيء سبحانه في الأرض ولا في السماء.
من صفاته أنه القدير الذي لا يعجزه شيء ولا يرد إرادته أحد، يفعل ما يشاء ويمنع ما يشاء، ويقدم ويؤخر وله الحكمة البالغة.
من صفاته أنه هو الذي يجيب المضطر، ويغيث الملهوف، ويفرج الكرب، وكل مخلوق فإنه إذا وقع في كرب أو ضيق لجأ إليه اضطراراً.
العبادة لا تكون إلا لله تعالى، فهو الكامل المستحق لها وحده دون ما سواه، وكل ما عبد من دونه فهو معبود بالباطل وهو ناقص ومعرض للموت والفناء.
رزقنا الله سبحانه عقولاً تدرك شيئا من عظمته، وغرس فينا فطرة تحب الخير، وتكره الشر، وتطمئن إذا لجأت لله رب العالمين، وهذه الفطرة تدل على كماله وأنه لا يمكن أن يتصف بالنقص سبحانه.
الرب فوق سماواته، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، لا يحل ولا يتجسد في شيء من خلقه.
الرب ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وليس له كفواً أحد، وهو الغني عن خلقه، لا ينام ولا يأكل الطعام، وهو عظيم لا يمكن أن يكون له زوجة أو ولد؛ فالخالق له صفات العظمة ولا يمكن أبدا أن يتصف بالحاجة أو النقص.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 73-74].
هل يُعقل أن الذي خلقنا بهذا الضبط والإتقان وسخر لنا ما في السماوات والأرض، أن يخلقنا بلا غاية أو أن يتركنا دون جواب عن أهم الأسئلة التي تشغلنا، مثل: لماذا نحن هنا؟ وماذا بعد الموت؟ وما الغاية من خلقنا؟
قال الله سبحانه: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: 115].
بل أرسل الله الرسل لنعرف غاية وجودنا، وأرشدنا كيف نعبده ونتقرب إليه، وماذا يريد منا! وكيف ننال رضاه، وأخبرنا عن مصيرنا بعد الموت؟
والله أرسل الرسل ليخبرونا أنه وحده المستحق للعبادة، ولنعلم كيف نعبده، وليبلغونا أوامره ونواهيه، ويعلموننا القيم الفاضلة التي إن أخذنا بها كانت حياتنا طيبة تعمها الخيرات والبركات.
وقد أرسل الله رسلاً كثيرين مثل: (نوح، إبراهيم، موسى، وعيسى) وأيدهم بآيات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم مرسلون من عنده سبحانه، وكان آخرهم محمداً ﷺ.
وأن هناك جنة للمؤمنين الذين عبدوا الله وحده لا شريك له وآمنوا بجميع الرسل وهناك نارا أعدها الله للكافرين الذين عبدوا آلهة أخرى مع الله أو كفروا بأي رسول من رسل الله.
قال الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الأعراف35-36].
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 21-25].
لقد أرسل الله رسله إلى الأمم، فما من أمة إلا وقد أرسل الله إليها رسولًا، ليدعوهم إلى عبادة ربهم، ويبلغهم أوامره ونواهيه، وكانت غاية دعوتهم جميعًا: عبادة الله وحده عز وجل، وكلما بدأت أمة ما في ترك أو تشويه ما جاء به رسولها، من الأمر بتوحيد الله، كلف الله رسولًا آخر ليصحح المسار، ويعيد الناس إلى الفطرة السليمة بتوحيد الله وطاعته،
حتى ختم الله الرسل بمحمد عليه الصلاة والسلام، الذي جاء بالدين الكامل والشريعة الخالدة العامة لجميع البشر إلى يوم القيامة، المكملة والناسخة لما قبلها من الشرائع، وكفل الرب جل وعلا لهذا الدين البقاء والدوام إلى يوم القيامة.
الله هو الذي أرسل الرسل، وأمر جميع خلقه بطاعتهم، ومن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع، فليس هناك ذنب أعظم من أن يرد الإنسان على الله وحيه، فلابد لدخول الجنة من الإيمان بجميع الرسل.
فالواجب على كل أحد في هذا الزمان أن يؤمن بالله وبجميع رسل الله، ويؤمن باليوم الآخر، ولا يكون ذلك إلا بأن يؤمن ويتبع آخرهم وخاتمهم محمداً ﷺ، المؤيد بالمعجزة الخالدة وهي القرآن الكريم، الذي تكفل الله بحفظه حتى يرث الأرض ومن عليها.
ذكر الله في القرآن الكريم أن من يرفض الإيمان بأي رسولٍ من رسله فهو كافر بالله مكذب لوحيه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: 150-151].
لذلك نحن المسلمون نؤمن بالله وباليوم الآخر -كما أمر الله- ونؤمن بجميع الرسل والكتب السابقة، قال الله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة ٢٨٥].
القرآن الكريم هو كلام الله تعالى ووحيه الذي أنزله على آخر الرسل محمد، وهو أعظم معجزة تدل على صدق نبوته ﷺ، والقرآن الكريم هو الحق في أحكامه والصدق في أخباره، وقد تحدى الله المكذبين بأن يأتوا ولو بسورة واحدة مثله فعجزوا عن ذلك؛ لعظمة مضمونه وشمول محتواه لكل ما يتعلق بالإنسان في الحياة الدنيا والآخرة، وقد تضمن كل الحقائق الإيمانية التي يجب الإيمان بها، كما تضمن الأوامر والنواهي التي يجب أن يسير عليها الإنسان فيما بينه وبين ربه أو بينه وبين نفسه، أو بينه وبين سائر الخلق، وكل ذلك في أسلوب عالٍ من البلاغة والبيان، ، وقد اشتمل على الكثير من الأدلة العقلية والحقائق العلمية التي تدل على أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون من صنع البشر بل هو كلام رب البشر سبحانه وتعالى.
الإسلام هو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والامتثال لشرعه برضا وقبول، والكفر بكل ما يعبد من دون الله.
وقد بعث الله الرسل برسالة واحدة هي: الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بكل ما يعبد من دون الله.
والإسلام هو دين جميع الأنبياء، فدعوتهم واحدة وشرائعهم مختلفة، والمسلمون اليوم هم الوحيدون المتمسكون بالدين الصحيح الذي جاء به جميع الأنبياء، ورسالة الإسلام في هذا الزمان هي الحق، وهي الرسالة الخاتمة من الخالق للبشرية، فالرب الذي أرسل إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام هو الذي أرسل خاتم الرسل محمداً ﷺ، وقد جاءت شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع.
إن كل الأديان التي يتعبد بها الناس اليوم -عدا الإسلام- أديان من صنع البشر، أو أديان كانت إلهية ثم عبثت بها يد البشر فأصبحت خليطاً من الركام الخرافي والأساطير المتوارثة والاجتهادات البشرية.
أما دين المسلمين فهو دين واحد واضح لا يتغير، كما أن عباداتهم التي يتعبدون بها لله واحدة، فكلهم يصلون الصلوات الخمس، ويزكون أموالهم، ويصومون شهر رمضان، وتأمل دستورهم وهو القرآن الكريم فهو كتاب واحد في جميع البلدان.قال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [سورة المائدة:3].
قال الله تعالى في القرآن: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 84-85].
فدين الإسلام منهج شامل للحياة، يوافق الفِطْرة والعقل، وتَقْبَلُه النفوس السويَّة، شرعه الخالق العظيم لخلقه، وهو دينُ الخير والسعادة للناس جميعًا في الدنيا والآخرة، لا يميز عِرْقاً على عِرْق، ولا لوناً على لون، والناس فيه سواسية، لا يتميز أحدٌ في الإسلام على غيره إلا بقدر عمله الصالح.
قال الله تعالى: (مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ) [النحل:97]
الإسلام هو الدين الوحيد الذي يلبي احتياجات الروح والجسد، وحل جميع المشاكل الإنسانية، قال الله تعالى: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 123-124].
- الفوز في الآخرة بأن يغفر الله له، ويحل عليه رضوانه، ويدخله الله الجنة ويفوز بالرضوان والنعيم المقيم، وأن ينجو المرء من عذاب النار.
- أن المؤمن يكون يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وما أحلاها من رفقة، ومن لم يؤمن كان مع الطواغيت والأشرار والمجرمين والمفسدين.
- الذين يدخلهم الله الجنة، سيعيشون في النعيم الأبدي دون موت أو مرض أو ألم أو هرم أو حزن، وسيلبي لهم رغباتهم على كل ما يريدونه، والذين يدخلون النار سيكونون في عذاب سرمدي دائم لا ينقطع.
- في الجنة هناك متع لم ترها عين، ولم تسمع بها أذن، ولم تخطر ببال أي إنسان. ومن أدلة ذلك قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل ٩٧]. وقال تعالى: ﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [سورة السجدة:17]
سيخسر الإنسان أعظم العلم والمعرفة وهي المعرفة والعلم بالله، وسيخسر الإيمان بالله الذي يمنح المرء الأمن والطمأنينة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة.
سيخسر الإيمان بالأنبياء العظماء كما سيخسر مصاحبتهم في الجنة يوم القيامة، ويكون مصاحباً للشياطين والمجرمين والطواغيت في نار جهنم، وبئس الدار والجوار.
قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر: 15-16].
من الحقائق التي أجمع عليها الأنبياء والمرسلون عليهم السلام أنه لن ينجو في الآخرة إلا المسلمون الذين آمنوا بالله تعالى ولم يشركوا بعبادته أحدا، وآمنوا بجميع الأنبياء والرسل، فكل أتباع المرسلين المؤمنين بهم المصدقين لهم سيدخلون الجنة، وينجون من النار.
فالذين كانوا في زمن النبي موسى وآمنوا به واتبعوا تعاليمه فهؤلاء مسلمون ومؤمنون صالحون، ولكن بعد أن بعث الله عيسى وجب على أتباع موسى أن يؤمنوا بعيسى ويتبعوه فمن آمن بعيسى فهؤلاء مسلمون صالحون، ومن رفض الإيمان بعيسى وقال سأبقى على دين موسى فهذا غير مؤمن؛ لأنه رفض الإيمان بنبي أرسله الله، ثم بعد أن بعث الله آخر الرسل محمداً ﷺ، وجب على الجميع أن يؤمنوا به، فالرب هو الذي أرسل موسى وعيسى وهو الذي أرسل خاتم الرسل محمداً، فمن كفر برسالة محمد ﷺ وقال سأبقى على اتباع موسى أو عيسى فهذا ليس بمؤمن.
ولا يكفي أن يقول الشخص إنه يحترم المسلمين، ولا يكفي لنجاته في الآخرة أن يتصدق ويساعد المساكين، بل لابد أن يكون مؤمنا بالله وبكتبه ورسله واليوم الآخر؛ ليقبل الله ذلك منه! فليس هناك ذنب أعظم من الشرك والكفر بالله ورد الوحي الذي أنزله الله أو رفض نبوة آخر أنبيائه محمد ﷺ.
فاليهود والنصارى وغيرهم الذين سمعوا ببعثة محمد رسول الله ﷺ ورفضوا الإيمان به ورفضوا الدخول في دين الإسلام سيكونون في نار جهنم خالدين فيها أبداً، وهذا هو حكم الله وليس حكم أحدٍ من البشر، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة﴾ [البينة:6].
وحيث قد نزلت آخر رسالة من الله إلى البشرية، فيجب على كل إنسان يسمع عن الإسلام ويسمع عن رسالة النبي الأخير محمد ﷺ، أن يؤمن به ويتبع شريعته ويطيعه في أمره ونهيه، لذا فمن يسمع عن هذه الرسالة الأخيرة ويرفضها، فلن يقبل الله منه شيئًا، وسيعذبه في الآخرة.
ومن أدلة ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران ٨٥].
وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 64].
الإيمان بالله تعالى وأنه الخالق الرازق المدبر المالك، ليس كمثله شيء، وليس له زوجة ولا ولد، وأنه وحده المستحق للعبادة، وألا يعبد معه غيره، وأن يعتقد أن عبادة كل ما عبد من دونه فعبادته باطلة.
الإيمان بالملائكة أنهم عباد لله تعالى، خلقهم من نور، وجعل من أعمالهم أنهم ينزلون بالوحي على أنبيائه.
الإيمان بجميع الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه (كالتوراة والإنجيل -قبل تحريفها-) وآخر الكتب القرآن الكريم.
الإيمان بجميع الرسل كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى وآخرهم محمد وهم من البشر، أيدهم بالوحي وأعطاهم الآيات والمعجزات التي تدل على صدقهم.
الإيمان باليوم الآخر حين يبعث الله الأولين والآخرين ويحكم الله بين خلقه ويدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار.
الإيمان بالقدر وأن الله يعلم كل شيء ما كان في الماضي وما سيكون في المستقبل، وأن الله قد علم وكتب ذلك وشاءه وخلق كل شيء.
وسيأتي اليوم الذي يُحاسب فيه الإنسان على كل ما قدم، وهو يوم القيامة، قال تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف:49].
فالخسارة ليست سهلة بل هي عظيمة، قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
فبماذا سيجيب ربك يوم القيامة، وقد حذَّر من تبعات الكفر بالإسلام، وأخبر أن مصير الكفار الهلاك في النار أبدًا؟
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة ٣٩].
وكثيرون يرفضون الإسلام لعدم رغبتهم في تغيير عقائدهم التي ورثوها عن آبائهم أو اكتسبوها من بيئاتهم ومجتمعاتهم، واعتادوا عليها، وكثيرون منهم يمنعهم التعصب والحمية للباطل الذي ورثوه.
فليس عذرا للملحد أن يقول سأبقى على الإلحاد لأني ولدت في عائلة ملحدة! بل يلزمه أن يستعمل العقل الذي وهبه الله له، ويتأمل في عظمة السماوات والأرض، وأن يفكر بعقله الذي وهبه خالقه ليدرك أن لهذا الكون خالقاً، وكذلك من يعبد الأحجار والأصنام لا عذر له في تقليد آبائه، بل يلزمه أن يبحث عن الحق ويسأل نفسه: كيف أعبد جمادا لا يسمعني ولا يبصرني ولا ينفعني بشيء؟!
وكذلك النصراني الذي يؤمن بأمور تخالف الفطرة والعقل يلزمه أن يسأل نفسه: كيف للرب أن يقتل ولده الذي لم يرتكب ذنبا لأجل ذنوب أناس آخرين؟! هذا من الظلم! كيف لبشر أن يصلبوا ويقتلوا ابن الرب؟! أليس الرب بقادر أن يغفر ذنوب البشرية دون أن يسمح لهم بقتل ابنه؟ أليس الرب بقادر على أن يدافع عن ابنه؟
قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة ١٠٤].
من أراد أن يسلم ويخشى من البيئة التي حوله، فيمكنه أن يُسلم ويخفي إسلامه إلى أنْ ييسر الله له طريق خير يستقل فيه بنفسه ويُظهر إسلامه.
فمن الواجب على الإنسان أن يسلم فوراً، ولكن لا يجب عله إخبار من حوله بإسلامه أو أن يشهره، إذا كان في ذلك مضرة عليه.
واعلم أن الإنسان إذا أسلم سيكون أخاً لملايين المسلمين، ويمكنه التواصل مع المسجد أو المركز الإسلامي في بلده ويطلب منهم المشورة والمساعدة فسيسعدهم ذلك.
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب﴾ [الطَّلَاقِ: 2، 3]
أليس إرضاء الله الخالق، -الذي أنعم علينا بجميع نعمه، وكان يعطينا الغذاء ونحن أجنة في بطون أمهاتنا ويرزقنا الهواء الذي نستنشق الآن- هو أهم من رضى الناس علينا؟
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [النساء: 174-175].
إذا كان كل هذا الذي سبق منطقيًا، وقد عرف الإنسان الحقيقة في قلبه؛ فعليه أن يخطو خطوة أولى نحو أن يصبح مسلماً.
فلا يجعل ذنوبه تمنعه من الدخول في الإسلام، فقد أخبرنا الله في القرآن أنه يغفر ذنوب الإنسان كلها إذا أسلم وتاب إلى خالقه، حتى بعد قبوله الإسلام فمن الطبيعي أن الإنسان سيرتكب بعض الذنوب فنحن بشر ولسنا ملائكة معصومين، ولكن المطلوب منا أن نطلب المغفرة من الله ونتوب إليه، وإذا رأى الله منا أننا سارعنا في قبول الحق ودخلنا في الإسلام ونطقنا الشهادتين فإنه سيعيننا على ترك الذنوب الأخرى فالذي يقبل على الله ويتبع الحق يوفقه الله للمزيد من الخير فلا يتردد الإنسان في الدخول في الإسلام الآن.
من أدلة ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال ٣٨].
الدخول في الإسلام أمره يسير ولا يحتاج إلى طقوس ولا أمور رسمية أو بحضور أحد، فقط على الإنسان أن ينطق بالشهادتين عالماً بمعناها مؤمناً بها، وذلك بأن يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله)، إن تيسر لك أن تقولها باللغة العربية فحسن وإن شق عليك ذلك فيكفي أن تنطقها بلغتك وبذلك تكون مسلماً، ثم عليك أن تتعلم دينك الذي سيكون مصدر سعادتك في الدنيا ونجاتك في الآخرة.